معرفة خصائص النمو والأنماط الشخصية
سعيد بن محمد آل ثابت (*) - Thabit66@gmail.comيتميز المربي بحصافته بكل من معه لاسيما أن يكون على دراية ببعض ما يتعلق بخصائص المرحلة العُمرية (الدينية، النفسية، الجسمية، العقلية، الانفعالية، الاجتماعية، اللغوية، الجنسية), وما تتطلبه وتستدعيه شخصية المتربي (وفقاً لأي تقسيم لأنماط الشخصية), من ثم يكون هناك بُعداً آخر للمربي مع المتربين, في حيثيات كثيرة, منها:
1) معرفة العوامل التي تؤثر في النمو, والسلوك. وهذا يجعل هناك تدفقاً عملياً من المربي ليساعد المتربي في تهيئة البيئة الملائمة في نموه الطبيعي, وترقية سلوكه بالتزكية الربانية الحسنة. إن إدراك ما يؤثر في النمو من بيئة أو أصدقاء, وكذلك من الأقارب وغيرها توحي للمربي خططاً سلوكية يسير بها نحو تقويم وتهذيب سلوك المتربي. والواقع يشهد جهل بعض المربين بالحاجات المهمة لأي شخص، لاسيما ذلكم المتربي من حاجات نفسية كالعبادة والأمن, واجتماعية الصحبة والمسؤولية, وحاجات ثقافية كالإطلاع وغيرها مما يجعل هناك وهن بارز, وقصور واضح في حياة المتربي من بعض ما يجهله المربي, فتجده مهمشاً لجانب الإطلاع والمعرفة, غارقاً إلى أذنيه مع المتربي في كونه المصدر الوحيد للمعرفة, وكذلك قد تجده يظم شأن الرفقة والصحبة في حين وجود تأزم في الجانب الروحي والعبادي, ومن ذلك ينتج أن هناك أهمية تنبع من التعرف على الحاجات والعوامل المؤثرة في السلوك والنمو, تجعل من المربي خير من يجيد تحقيق تلكم العوامل والحاجات, أو على الأقل يساعد فيها.
2) التعرف على خصائص النمو يجعل هناك تهيئة للمربي لتلقي كل ما يتحدث على من معه من جديد, وهنا نجد مثالاً عن المراهق الذي يشهد نموه الجسدي تغيرات وطروءات سريعة وجديدة عليه، تجعل منه أحياناً مكمن للسخرية في صوته, أو عُرضة للشهوات إثر نشوب نار الشهوة في عروقه, أو ظهور شعر الإبط والعانة والذي يجهل بعضهم التعامل الصحيح مع ذلك, فحين وجود المراهق في هذه المرحلة وهو بجانب مربٍ واعٍ بذلك يجعله يتقبل ذلك, ويزيد من المربي عناية واهتماما.
3) التوصل إلى أفضل طرق التربية والتعليم التي تناسب المرحلة العمرية من حيث العقل والنضج, وهكذا فإن مرحلة الطفولة تناسبها المحسوسات, وكذلك الاهتمام بشأن الحفظ, والانتماء للجماعة, وعندما تتجه للمراهق الذي بطبعه يحب الاستكشاف وإثبات النفس, وتميل نفسه للعبادة, وهكذا من في شأنه أن يدخل في دائرة المتربي له ما يناسبه من الطرق والأساليب الناجعة في توجيهه, وتعليمه.
4) التعاطي مع كل مرحلة, وكل شخصية بحسب ما تكون عمرا, وكذلك بحسب الدوافع, والبيئة التي عاشتها، ونجد مثلاً النبي صلى الله عليه وسلم حين كان مع الأعراب في صبره وردود أفعاله معهم بطريقة تجعله يغض الطرف كثيراً عن أخطائهم, وعندما علّم ذلكم الصحابي وهو صغير السن كيف يأكل من الصحفة فبدأ وقال : (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك), كانت عبارات مفصلة واضحة لا تحتاج إلى توضيح أكثر من ذلك, بل شارك الصبي اهتماماته في طائره الصغير : (يا أبا عُمير ما فعل النغير) . بينما هناك خاصية لطالب الزنا حين حاوره النبي صلى الله عليه وسلم : (أترضاه لأمك, أترضاه لأختك ... ) الحديث.
5) فهم شخصية الفرد بحسبه عن أقرانه تبعاً لقدراته الخاصة وسماته الطبيعية. وهذا يُعين أثره كثيراً لاسيما في الدعوة والتوجيه الفردي. وهناك من الأنماط الشخصية ما يحسن للمربي عدم تغافلها, وأن يكون من رواد المعتنين بها, إنك تجد الأنماط التمثيلية (البصري، السمعي، الحسي), وتجد أنماطاً أخرى (المتفرد، التعبيري، الودي، المحلل), وأخرى (اقترابي،ابتعادي), وغيرها,, فحين يُدرك المربي شيء من ذلك فهو يعرف أن من خصائص البصري العجلة, وحب القراءة، وإنجاز العمل، وغير ذلك، فتجده يجعله في دائرة عمل عليها عاقل, وكذلك يوجهه للمطالعة بالقراءة والمشاهدة, وحين يدرك أن أحداً منهم يندرج ضمن المتفرد الذي يستعجل اتخاذ القرارات, ويحب أن يتمركز في عمله كثيراً, وقد يكون جاف الطباع أحياناً، إذا من أولوياته الإنجاز في العمل فهذا يحتاج إلى هناية, وأن تكون مهامه على قدر من معرفته بها, وكذلك لا يُحمل جفاءه على غير حسن مع تهذيب ذلك قدر المستطاع, وغير ذلك من الأمثلة.
6) إدراك الفروق الفردية بين المتربين, وتلمس الصفات التي تسبق عمرها, وكذلك إدراك ما قد يفوت على المتربي حصوله في مراحل عمره المبكرة فيكون هناك التعويض, وإضفاء البرامج الكافية لذلك.
7) تتيح معرفة الخصائص إلى مدى ما تتحمله كل مرحلة . فالأطفال لاشك أنهم يختلفون عن المراهقين, وهكذا كل ما كان هناك دراية كان هناك وعي بالتوجيه والتقويم.
8) تعين على فهم المشكلات النفسية والعقلية والاجتماعية لكل مرحلة, ومن خلال ذلك يُدرك أن من المشكلات في كل مرحلة تكون في حيز الطبيعي, وغيرها لا تلائم المرحلة مما تستدعي كم من الاهتمام بهذه المشكلة.
-------------
* هناك مراجع رائعة : - كتب حامد عبدالسلام زهران . لاسيما كتاب (علم نفس النمو) وغيره .- (المراهقون) لعبدالعزيز النغيمشي.- كتاب (نماء) بإشراف الشيخ محمد الدويش. وفيه معايير رائعة للمراحل العمرية منذ الطفولة وحتى المرحلة الجامعية يسير وفقها المربي,ويرسم خطاه وفقها.- مقال (الأنماط التمثيلية) لسعيد آل ثابت (موقع صيد الفوائد). -------------
من صفات المربي - المقدمةمن صفات المربي - معرفة خصائص النمو والأنماط الشخصيةالأنماط التمثيليةمن صفات المربي - حسن التخطيط وإجادة التقويممن صفات المربي - امتلاك مفاتيح القلوبمن صفات المربي - المعايشة التربويةمن صفات المربي - الهدي والقدوة الحسنةمن صفات المربي - التوازن والتكاملمن صفات المربي - الازديان بالعلم الشرعي-------------
* موقع (صيد الفوائد) http://saaid.net/Doat/thabit/sm.htm